تخطي إلى المحتوى

نداء عالمي لإنهاء صدمات الطفولة

17 يناير 2025

لا ينبغي لأي طفل أن يعيش في خوف من المجهول. هذه الحقيقة الأساسية تتردد صداها عبر الثقافات، الأديان، والانقسامات الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، فإن الواقع الذي يواجههُ ملايين الأطفال في جميع أنحاء العالم يروي قصة مختلفة ومؤلمة. فالأطفال الذين من المفترض أن يجسدوا البراءة والفرح غالباً ما يجدون أنفسهم تحت رحمة الظروف التي لا يمكن السيطرة عليها. فهم يتحملون الاستغلال والإساءة والإهمال - الأبرياء يدفعون ثمن الحروب، الفقر، والانهيار الاقتصادي والتخلي. يجب أن يتغير هذا!

يعد رئيس مجموعة جي كي أس دي كمال الغريبي من بين أولئك الذين يتخذون خطوات حاسمة نحو إنهاء صدمات الطفولة. ففي "اليوم الدولي لحقوق الأطفال والمراهقين" مؤخراً، أكد على التزامه بمعالجة هذه المظالم من خلال الإعلان عن أنه سيرعى الاجتماع العالمي القادم لحقوق الطفل. ووفقاً له، يستحق كل طفل بداية صحية وسعيدة في الحياة وحماية ثابتة من الأذى.

 

أزمة تجاهلناها لفترة طويلة

من المقرر أن يعقد مؤتمر في الفاتيكان في 3 شباط 2025، تحت شعار " أحبّوهم واحموهم". وتحت رعاية البابا فرانسيس، سيجمع الحدث خبراء وقادة وصناع سياسات عالميين، لتعزيز الحوار والاستراتيجيات لحماية الأعضاء الأكثر ضعفًا في مجتمعاتنا.

لم يكن هناك وقت أكثر إلحاحاً لعقد هذا الاجتماع. الإحصائيات صادمة. وفقًا لليونيسف، يعيش ما يقرب من 385 مليون طفل في فقر مدقع، ويعيشون بأقل من 1.90 دولاراً في اليوم. ملايين آخرين نزحوا بسبب الصراع وتغير المناخ، مع وقوع العديد منهم ضحايا للاتجار بالبشر والعمل القسري. تترك هذه الأزمات ندوباً نفسية عميقة، تعيق النمو العاطفي والإدراكي، وتؤدي إلى استمرار دوامات اليأس.

 

قوة الشفاء التحويلية

الصدمة هي لص، تسرق من الأطفال براءتهم وأمنهم وشعورهم بالذات. اذ تُظهِر الأبحاث العلمية أن التجارب السلبية في مرحلة الطفولة لها عواقب بعيدة المدى، حيث تزيد من احتمالات الإصابة باضطرابات الصحة العقلية والأمراض المزمنة وانخفاض متوسط ​​العمر المتوقع. ومع ذلك، وكما أشار رئيس مجلس الادارة كمال الغريبي، فإن الشفاء ممكن. مع التدخلات الصحيحة، يمكن للناجين من الصدمات إعادة بناء حياتهم.

التعليم هو أحد هذه السبل للشفاء. فالمدارس ليست مجرد أماكن للتعلم، بل هي ملاذ يمكن للأطفال استعادة الشعور بالطبيعية والأمل من خلالها وقد أثبتت الدراسات أن الحصول على التعليم يقلل من احتمالية الاستغلال، ويوفر للأطفال الأدوات اللازمة لتصور مستقبل اكثر إشراقاً. وتشكل المبادرات مثل بناء المدارس في مناطق الصراع أو تقديم المنح الدراسية للمجتمعات المهمشة خطوات حاسمة لكسر حلقة الفقر والصدمات.

الرعاية الصحية هي ركيزة أخرى للحماية. فسوء التغذية والمرض والإصابات غير المعالجة تصيب ملايين الأطفال في المناطق المعرضة للخطر. والاستثمار في أنظمة الرعاية الصحية القوية، إلى جانب برامج موجهة لدعم الصحة النفسية، يمكن أن يغير حياة الأطفال. على سبيل المثال، ثبت أن العلاج السلوكي المعرفي الموجه لعلاج الصدمات (TF-CBT) فعال في مساعدة الأطفال على معالجة آثار الإساءة والعنف والتعافي منها.

  

قيادة تُلهم العمل

يمثل "الاجتماع العالمي لحقوق الطفل" القادم منارة أمل للأوقات الصعبة. إنه منصة للقادة ليس فقط لمناقشة الحلول القابلة للتنفيذ، بل للالتزام بها أيضاً. وتعهد رئيس مجلس الادارة الغريبي ان دعم هذه القضية سيعكس نوع القيادة التي يحتاجها العالم – قيادة تتسم بالرحمة والفاعلية والشمولية.

إن مشاركة البابا فرانسيس تضيف ضرورة أخلاقية إلى الإجراءات. اذ تميزت ابويته بالتركيز المستمر على المجتمعات المهمشة، وحث المجتمع العالمي على إعطاء الأولوية للكرامة الإنسانية على المكاسب الاقتصادية. إن دعوته إلى " أحبّوهم واحموهم " هي تذكير بأن كل طفل هو هدية يستحق الرعاية والاحترام.

 

استعادة الأمل في عام اليوبيل

بينما نتنقل في عالم مليء بالأزمات - من تغير المناخ إلى التوترات الجيوسياسية - قد يبدو الأمل بعيد المنال. ومع ذلك، فإن عام اليوبيل يذكرنا بأن الأمل هدية وحافز للتجديد والعمل. إنه يتحدانا للارتقاء فوق اليأس والعمل بشكل جماعي لخلق مستقبل أفضل. بالنسبة للأطفال، يعني الأمل وعداً بحياة خالية من الخوف ومليئة بالفرص.

إن توقيت المؤتمر خلال عام اليوبيل له أهمية كبيرة، فهو يدعو الأفراد والمؤسسات إلى التفكير في مسؤولياتهم والتصرف بسرعة، سواء من خلال تغيير السياسات، أو النشاط الشعبي، أو العمل الخيري، فإن الرسالة واضحة: يجب علينا أن نوحد قوانا لحماية ورفع مستوى الفئات الأكثر ضعفاً في العالم.

 

ما بعد الخطابات – حان وقت التغيير الفعلي

في حين أن "الاجتماع العالمي لحقوق الطفل" يشكل خطوة حاسمة، الا إنه ليس نقطة النهاية. فالتغيير الحقيقي يتطلب جهوداً مستدامة ومساءلة. ويتعين على الحكومات تنفيذ قوانين حماية الطفل وتخصيص الموارد للخدمات الاجتماعية. ويجب على الشركات أن تتبنى ممارسات أخلاقية تعطي الأولوية لحقوق الإنسان قبل الأرباح. وعلى الأفراد أن يدافعوا عن التغيير، مستخدمين أصواتهم لتسليط الضوء على محنة الأطفال الضعفاء.

ومن الناحية العملية، يعني ذلك الدفع باتجاه سياسات تعالج التفاوتات المنهجية. على سبيل المثال، ينبغي للمساعدات الدولية أن تعطي الأولوية للتعليم والرعاية الصحية على الإنفاق العسكري. وينبغي لمشاريع التنمية أن تشمل ضمانات ضد عمل الأطفال واستغلالهم. وكذلك يجب على المؤسسات العالمية أن تعمل معاً لمكافحة الاتجار بالبشر، وضمان مواجهة الجناة للعدالة وتقديم الدعم للناجين.

 

مسؤولية جماعية

إن قضية حقوق الطفل لا تقتصر على صناع السياسات والناشطين، بل إنها مسؤولية مشتركة. إن كل عمل من أعمال اللطف - سواء كان التبرع لجمعية خيرية للأطفال، أو توجيه الشباب المحرومين، أو التطوع في ملجأ محلي - يساهم في ثقافة الرعاية والحماية. إن التزام رئيس مجلس الإدارة كمال الغريبي بمثابة تذكير قوي بأن الأفراد قادرون على إحداث فرق، وإلهام للآخرين ليحذوا حذوهم.

 

مستقبل يستحق القتال من أجله

مع اقترابنا من "الاجتماع العالمي لحقوق الطفل"، دعونا نتذكر أن النضال من أجل رفاهية الأطفال هو نضال من أجل مستقبلنا الجماعي. عندما نحمي الأطفال، فإننا ننشئ قادة الغد ومبتكرين وصناع التغيير في المستقبل. فبمجرد استعادة ابتساماتهم، ستضيئ الطريق إلى عالم أكثر رحمة ومساواة.

لا ينبغي لأي طفل أن يتحمل كابوس الصدمة، ومع ذلك فإن الملايين يفعلون ذلك. يقدم مؤتمر الفاتيكان القادم فرصة محورية لمعالجة هذه الأزمة العالمية بالإلحاح والرحمة التي تتطلبها. إن التزام رئيس مجلس الادارة كمال الغريبي لهذه القضية جنباً إلى جنب مع القيادة الأخلاقية للبابا فرانسيس، يضع سابقة قوية لما يمكن تحقيقه عندما نعطي الأولوية للحب والحماية.

Tagged with: Children Healthy UNICEF